-A +A
ما أشبه الليلة بالبارحة. فعندما احتدم الخلاف بين الرئيس التركي طيب أردوغان مع الولايات المتحدة، في عام 2018، إثر احتجاز أنقرة رجل دين أمريكياً متقاعداً.. دعا أردوغان شعب بلاده إلى مقاطعة البضائع الأمريكية، خصوصاً هواتف «آيفون». وهي نصيحة لم يصغ إليها شخص واحد في الشارع التركي. وها هو أردوغان، في سياق حساباته الخاصة باستفزاز الزعماء الأوروبيين، وافتعال المشكلات معهم، يطلق ألفاظاً نابية على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن موقف الأخير من جريمة قيام لاجئ شيشاني بقطع رأس معلم تركي. وأردف ذلك بالدعوة إلى مقاطعة السلع الفرنسية. وهي سانحة أخرى يريد طيب أردوغان أن ينتهزها للتظاهر بزعامة العالم الإسلامي، وبأن فرنسا -القوة النووية، وثاني اقتصاد في القارة الأوروبية- عاجزة عن مواجهته. وفيما أهدر أردوغان وقته في توجيه السباب لماكرون، والحض على مقاطعة السلع الفرنسية؛ فوجئ بالخسائر تتوالى، لتهبط قيمة الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها. كما فوجئ بإهمال بقية الدول دعوته إلى المقاطعة، ليس لأن ماكرون لم يقل كلاماً مثيراً للقلق، ولكن لأن الدبلوماسية الهادئة بين الدول هي أفضل السبل لمعالجة مثل هذه المواقف. لقد اختار طيب أردوغان لغة الصراخ، والسب. وهما فعلان قبيحان يشبهانه. ويكاد يكون أردوغان الوجه الآخر لكل منهما.